الأحد، 2 أغسطس 2009

إهداء + مقدمة رواية أرض النفاق

كثيرًا ما ادعيتُ بغضي و كراهيتي الشديدة لنفسي ، وكثيرًا ما أعلنتُ ذلك ، وتمنيتُ أن يمدني أحدهم بـ " مبيد حشري " للقضاء عليّ لإنهاء تلك الحالة من الكراهيّة !
إلا أنني بعد تفكيرٍ – نعم ، أحيانًا ما أرهق نفسي وأفكر – وجلسات صراحة مع نفسي ، اكتشفتُ أن ما ادعيه باطلًا ، بشكلٍ أو بآخر .
قد اختلف مع نفسي في أشياءٍ كثيرة ، قد أمقتُ طباعًا مريبة متأصلة بداخلي ولا أستطيع الخلاص منها ، قد أتمنى – أحيانًا – لو أنني شخصًا غيري ؛
إلا أنني أخشى على نفسي من مجرد التفكير في أنني قد اتألم – ماديًا أو معنويًا - ، قد أسامح من يجرحني ولكنني لا أنسى أنه أخطأ يومًا في حق نفسي التي أحبها كثيرًا ، بل أنني أقربُ وأحبُ الناس إلى نفسي ! ، و من لم يكن منكم فيه شئ من تلك الخصال ، فليضع لي السم الزعاف في كوب ماءٍ ملوّث !
---
أعذروني على المقدمة المملة ، لكنّ تلك "الخويطرة " هي ما يراودني عند قراءة مقدمة رواية " أرض النفاق " ليوسف السباعي ، التي أحبها ربما أكثر من الرواية نفسها ، كما أنها رغبة مني في إثبات وجودي " بأي كلام " :D
سأترككم مع الإهداء والمقدمة ، بعد أن أنوّه أنه سيكون لي – بإذن الله – عودة من حين لآخر بمقابساتٍ ما أعجبتني ، أو لها ذكرى ما في نفسي ، أو بغرض الصداع لا غير ^_^


--------------------------------------------------------------

الإهداء
إلى خير من استحق الإهداء
إلى أحب الناس إلى نفسي
وأقربهم إلى قلبي
إلى يوسف السباعي
ولو قلت غير هذا
لكنت شيخ المنافقين
من أرض النفاق
" يوسف السباعي "
المقدمة :

أهو الغرور الذي دفعني لكي أهدي كتابي إلى نفسي؟
أم هي الأنانية؟
لا أكذبكم القول .. أني - ككل إنسان - أناني مغرور ..
ولكني أؤكد لكم أن هذا لم يكن الدافع إلى هذا الإهداء الجريء .. وأسميه جريئا لأنها بلا شك جرأة - مني وأنا المنافق الذي لطالما بديت أمام الناس متواضعا.. منكرا لذاته - أن أفضح نفسي فأخصها .. دون بقية خلق الله .. بإهداء الكتاب وأتهمها علنا بأنها أحب الناس إلي! .
ما الذي دفعني إلى هذه المغامرة؟
لم لم أهد الكتاب إلى عزيز لدي؟ والأعزاء كثيرون في أرض النفاق فأوفر.. على نفسي ما قد يوجه إلي من لوم وسخرية؟
دفعني إليها أمران....أولهما:
أني لا أود أن أكون _كما قلت في الإهداء_أول المنافقين في أرض النفاق ..وأني لا أرغب في أن أتهم بأني أنهى عن خلق وآتى مثله ..أو أني آمر الناس بالبر وأنسى نفسي ...بل أريد أن أكون أول من يخلع رداء النفاق ..في أرض النفاق ..فأبدو على حقيقتي...أنانيا مغرورا .
وثانيهما:أني أود أن أكرم نفسي وهي على قيد الحياة....فلشد ما أخشى ألا يكرمني الناس ..إلا بعد الوفاة..ونحن شعب يحب الموتى ..ولا يرى مزايا الأحياء حتى يستقروا في باطن الأرض .
إني أريد كل شيء أريد ما بالدنيا وأنافي الدنيا ..أما الخلود ..والذكرى..والتاريخ..فما حاجتي لها وأنا عظام نخرة تثوى في قبر بقفرة ..ما حاجتي إلى تقدير الأحياء وأنا بين الأموات؟....ما حاجتي إلى أن يذكروني في الدنيا وأنا في الآخرة!!ويمجدوني في الأرض وأنافي السماء؟!
أني أبغى المديح الآن ...والتقدير الآن..وأنا أسمع وأحس...فما أمتعني شيء كسماع المديح والتقدير ..قولوا عني مخلصين ..وأنا بينكم ...إني كاتب كبير قدير شهير ... وإني عبقري ..ألمعي ...لوذعي.
فإذا ما متُ ، فشيعوني بألف لعنة ، واحملوا كتبي فأحرقوها فوق قبري ، واكتبوا عليه : " هنا يرقد أكبر حمار .. أضاع عمره في لغو وهذر " .
إني لا شك رابح كاسب .. لقدسمعت مديحكم وأنا حي محتاج إليكم .. وصممت أذني عن سبابكم وأنا ميت ، أغناني الله عنكم وعن دنياكم .
هل علمتم لِمَ أهديت الكتاب إلى نفسي ؟
لأني أحب نفسي وأقدرها ، ولديّ الجرأة على أن أقول ذلك .
إليكم الكتاب بعد هذا .. لقد حاولت جهدي أن أكون في كتابته .. كما كنت في إهدائه .. غير منافق ، وأن أكتب فيه بما استطعتُ من الصراحة .
ولست أزعم أني نجحت تماما .. فهناك موضوعات ، لم أستطع طرقها . وهناك سطور شطبتها بعد أن كتبتها .. ولكن لم يكن من ذلك بد ، على الأقل لكي يمكن للكتاب أن يرى النور ، ولكي يمكن لكم أن تقرءوا الكتاب .. هل فهمتم ؟!

الجمعة، 3 أبريل 2009

.. !

لم أرها سوى مرة واحدة .. تلاقت الأعين فنظرت إليّ نظرة بدت لي غامضة حينها ، لم أنس وجهها حتى يومنا هذا رغم ضعف ذاكرتي في حفظ الوجوه ..

..

بعدها بأمد ليس بعيد ..
كنا نسعتد للاحتفال ببدء عام جديد في أعمار ثلاثة منا حين جاءنا خبرٌ بانتهاء عمرها ..
تذكرتُ نظرتها الغامضة فتراءت لي وكأنما الموتُ هو من ينظر إليّ ..
جزع قلبي وتمنيتُ بشدة لو أبكي ، لكن عيني كعادتها في أغلب أحزاني تضن علي بدموعها ،
فتفسح المجال لقلبي ليتألم أكثر وينقبض فكأنما ينزف دما ..

..

عاد الموت ليذكرني بنفسه مرتين .. في كل مرة أذكر تلك النظرة .. أشعر أن الموت هو من ينظر إليّ ..
يخبرني أنه مني قريبٌ .. يحذرني أني حين أموت سأنتهي تماما ..
سأصبح في طي النسيان .. لن يذكرني أحد فيترحم عليّ ..

..

ومازالت معصيتي تدس مخالبها في قلبي بإصرار ..
وأنا ضعيفة .. جد ضعيفة ..

الثلاثاء، 31 مارس 2009

كفاني صمتًا .. !

إذا أخترت أن تقرأ ما أنا بصدد كتابته الآن ؛ فعليك أن تتحمل هذه الكلمات الخرقاء المبعثرة ، والتي – ربما – لا تجد أي رابط بين كل جملتين متتالتين فيها ، وعليك في النهاية أن تتذكر أنك كنت ( وحدك ) سيد قرارك .. وأنه لم يجبرك أحدٌ عليه .. فرجاءً في هذه الحالة لا تسب وتلعن ، فلا زالت أمي تتمنى لي مستقبلًا مشرقًا .. !
..
أول ما أود قوله ..هو الاعتراف بجهلي الشديد ، و أرجوك ألا تسأم منذ البداية ، فأنا أعلم أني قد سبق وأن أعترفت به ، ولكنه – يا سيدي المبجل – قد ازداد في الآونة الأخيرة بشكلٍ مرعبٍ حقًا ، كأنه ورمٌ خبيث شق على الجميع استئصاله من عقلٍ لا يحتوي على شئ سواه !
و العجيب حقًا أن أكون على دراية تامة بجهلي ، وأنني صرتُ مستاءةً منه حد التقزز و الغثيان ، ولكني لا أفعل شيئًا سوى التعمق فيه !
..
أراك من هنا أيها الضاحك الخبيث فكُف عن الصخب !
أعلم سر ضحكك والسخرية ملء فيك ..
تظنني يا هذا أدعي الجهل علانيةً كي أظهر بمظهر العالِمة العظيمة \ المتواضعة لأبعد الحدود ؟!
إن كنت تخشى ذلك فلا وألف لا .. أقولها لك من موضعي هذا .. إنني أبعد ما يكون عن التواضع !
..
وبالمناسبة ..
أكره بشدة أن يمدحني أحدهم ، ومن جديد أحذرك أن تُرجِع ذلك لمسٍ من تواضع .. وأوضح لك .. أن كرهي للمدح يعود في الحقيقة لسببين اثنين :
أولهما : أنني في الغالب لا أعرف ما يجب عليّ قوله حين يمدحني أحدهم .. وقد يقودني هذا إلى قول أحمق يجعل من أمامي يسحب مدحه بلا رجعة ..
وثانيهما : نسيته حقًا حين نويتُ كتابته !
..
أكره كذلك أن أسمع جملةً ما في أغنية معينة وتظل تتردد في ذهني طيلة اليوم ، هذا الأمر وإن طال للمساء كثيرًا ما يُصيبني بالأرق !
الآن تجول في ذهني الأغنية الشهيرة : " مشربتش من نيلها .. طب فكرت تغنيلها ؟؟ "
تلك الأغنية العظيمة ذات المعاني الرائعة ، صاحبتها تغني بمصداقية بالغة لدرجة أن تلد طفلها في أمريكا لتمنحه الجنسية الأمريكية عوضًا عن المصرية !
..عليّ – وبكل سرور – أن أعترف بحماقتي لعلمي بخبر مثل هذا بينما أجهل الكثير والكثير من الأمور المهمة !!
..
نسيت أن أقول أنني كما أكره المدح فإنني كثيرًا ما أمقت الانتقاد كذلك .
أشعرُ حاليًا أن السر الحقيقي وراء ذلك أن المادح يختار ما ليس في ويمدحه ، والمنتقد كذلك ينقد شيئًا " أرى شخصيًا " أنه ليس في ، وأنه فقط سوء تفاهم منه !
..
في فترة ما حاولتُ أن أمنح نفسي لقب " المثقفة "، فبدأت أن أتعرف على أمور هامة وخطيرة مثل :الليبرالية و ماهية السيريالية ، والفرق بين الاشتراكية والشيوعية ، ومعنى الإيدلوجية .. إلى آخر تلك الأمور المنتهية بحرفي الياء والتاء المربوطة ..
ذاك الأمر قادني لاكتشاف موهبة رائعة في قدرة عقلي على سكب المدخلات بسرعة مدهشة .. هائلة .. وعجيبة !
وعليّ أن أعترف لكم يا سادة أن محاولتي للتثقف في تلك الفترة نبعت من دافع قوي : ألا وهو الهروب من المذاكرة في فترة الثانوية العامة البغيضة
..
وفي النهاية أتساءل بعنف :لماذا دومًا أدعي حبي لأشياء – في الغالب – لا أحبها مطلقًا ؟!
\
/
\
/
و أخيرًا ..أشكرك على سعة صدرك إن كنت قد وصلت هنا .. وأرجوك ثانيةً .. لا تسب .. لا تلعن .. لا تدعو عليّ

الثلاثاء، 30 سبتمبر 2008

مَعْكُم مِنْ تَحْتِ الأنْقَاضْ .. !

محلوظة في البداية :
الكلام ها هنا مسجوع بعض الشئ .. لكن صاحبته لا تريد تسميته شعرًا بأي حال من الأحوال لكي لا تنقص للعشر حقًا من الحقوق !
-
( تصدير )

يُحكى أنّ
جبلًا أنّ
فسقطت منه صخورٌ عِدّة
على عشوائيات حقيرة بِشدّة
ولكن لا يهم .. لا يهم
فاليوم يومُ عيد
اليوم يوم فرح
و فيه لا يجوز
أن يمسَ قلوبكم ترحْ !
وقبل الرحيل للاحتفال
بيومهم المجيد
ترامى إلى الأسماع من مكانٍ قريب
صوتٌ أشبهُ بالنحيب !

\

/

\

/

معكم من تحتِ الأنقاض
بضعةُ أشلاء
تتسربلُ في كفنِ النسيان
معكم ليس بغرضِ اللوم
فمعاذ الله أن نظلمكم و نجور
فالمخطئ فينا ها هنا ..
ونحن المذنبون ..
لأنّا لسنا من أصحابِ القصور
وها نحنُ نلقى جزاءنا اليوم !
..
ورغم كل ما كان
نخبركم أن أحوالنا في أحسن ما يكون
وبعضنا – يا سعده – قد محته المماطلة
ولكن لا يهم ..
فنحن المخطئون .. ونحن المذنبون
لو كان بنا مسٌ من خيرٍ
لأذابت عيونُ من بكونا تلكم الصخور !

معكم من تحت الأنقاض
ورجائي إليكم ألا يمس قلوبكم قلق
فصوتي ليس ينتحب
فأنا أغني
والتمسوا لي قدر ما استطعتم من أعذار
إن كان صوتي المتهدج قد أضاع اللحن
وأذاع حزنًا مُختلَق
ففوق عظام صدري صخرةٌ جاثمة
تداعبني .. وابتسمْ
تجعلُ أحزاني تنهار !

معكم من تحت الأنقاض
فقط لأقول :
يا من تمكثون فوقنا
شكرا الله سعيكم
والجهد الذي بذلتموه لنا
وأسعد لكم عيدكم
ولأحملَ لكم البُشرى
والخبرَ السعيد
بأنّا نحيا ها هنا اليوم عيد
فَرَحُهُ يحتدمْ
برفقةِ الصخورْ
وظلامٍ لا يبورْ !

الأحد، 28 سبتمبر 2008

لا نامت أعيُن اللقطاء !

" سبتمبر 2007 "
(1)





يلتقيان ..
وتتعانق روحاهما ..
يسموان بعيدًا بعيدًا في أفلاك السماء ،ثم يهبطان إلى قاع الأرضِ ويدنوان .
.ينمو بينهما حبٌ يتراقصُ على أوتارٍ ذميمة ،ولحظات السعادة تزداد يومًا عن يومٍ ؛ فيقتربان من بعضهما أكثر وأكثر .. بلا رقيبٍ .. بلا لومٍ !

(2)


بين أحشائها تنبتُ نبتةٌ صغيرة ،
كانت كريحٍ عاتيّة بعثرتْ حبهما بددًا إلى أوديةٍ من البغض والنكران؛ فتمنت لو بأيديها تذويها !
وتمر الأيام حتى أينعت نورةٌ صغير ، يحملها راعيها بين يديه كالثمامة ويلقيها وحيدة في أرضٍ قفراء ..
**
صغيرةّ ضاوية على جانب الطريق ملقاة ،كدالية تسكبُ الدموع أنهارًا ..
وجهها غضٌ غرير ،
وفي عينيها ملامح الشجن ،
وصراخها وهن ،
ونفسٌ مكسورة
وطفلةٌ من الرحمة ..
مذمومةٌ مدحورة !!

(3)




تعيش كطفلة بينما قلبها شيخ ،
وحيدة بين الآلاف وربما الملايين ،
ترجمها الأعين وتزدريها الأفواه ،
موصومةٌ بالخطئية وذنبها الوحيد أنها حُرمت من حنانِ أمها ، ومن دفء أسرة تقيها البرد وعواصف الزمن ، وظلٌ ظليل يمنع عنها حر الصيف وقيظ النهار
بائسة مسكينة ..
ضاع منها حاضرها ؛
لقيطة ..
ليس لها من الحقوق سوى التنفس .. ولو استطاعوا لحرموها منه ولاغتالوا حياتها بأكملها ،
منبوذة أينما ذهبت .. وماضيها الأليمُ المُلطخ بالعار والأثمِ أغتال مستقبلًا لم يكن ينتظره أحدٌ سواها ، فلمّا شبت وعلمت حاضرها .. تمنت لو أصبح ليلها سرمديًا فلا ترى شمسًا ولا زمهريرًا
**

(4)
رسائلها

أيها الظالمون صمتًا
بينكم عشتُ كالمعدومة
اغتلتم حُملي بلا هوادة
ولم يكن سوى أمانٌ .. لم يكن سوى دفء
أيها الصامتون ..
اصمتوا كما كنتم
فنظراتُ المشفقين لم تكفيني
وعيون المتألمين لم تسمن ولم تغني عن جوع
يا أنّات النفس اصمتي
أما علمتِ تلك أقداري
أما علمتِ أني زهرةٌ ذوت يوم ميلادها لمّا لم أجد بستانًا يرعاني
لِمَ البكاء .. لا أهلٌ ولا وطن ولا نديم .
.يا من علّقتم حبال الزمن حول عنقي
شدّوا الخناق عليه .. وأريحوني
وصيحوا بكل ما أوتيتم من قوة :
لا نامت أعين اللقطاء !!

الخميس، 11 سبتمبر 2008

هزّة عقليّة



طالت المدة التي أغيب فيها عن الكتابة ها هنا ..
فقد صمت حديثي ، وربما لن تعود له القدرة على الخروج من جوفي ثانية !
فعن ماذا أكتب ؟
وأنا التي صرتُ تائهة بين الأشياء و الموجودات ، لم أعُد أدري ما كُنهها ، وصرت أجهل الناس بنفعها وضررها !
نظرتي لها أصبحت جد سطحية ، لا بل هي أمست سطحية من قبلُ أن تصبح ..
لم أنظر إلى شئ قط كما ينبغي النظر إليه .. بل وارتكبت العديد من الحماقات الأخرى ، أهمها – وقد يكون غير مهمٍ بالمرة – أنني أقنعتُ نفسي أنني أجيدُ النظر ، أقنعتُ نفسي أنني أدري واعرف وأدرك..
الآن اتضحت الأمور لي ، وبدا لي أن ما أعرفه حقًا هو أنني لا أعرف !
مفهوم الإدراك عندي هو نفسه مفهوم عدم الإدراك لدى أصحاب العقول – حفظهم الله –
فذكائي غباء .. وعلمي جهل .. أو لك أن تقول أن جهلي علم فلا علم لي سواه !
بالأضداد أحيا ولها أعيش وفيها أفنى ..
أشدُ مشكلة تواجهني هي أنني أفكر .. وليس التفكير هو المشكلة ذاتها ولكن عندما ينبثقُ التفكير من عقلٍ فارغ فإنه يستحيل كارثة عظيمة وجريمة لا تغتفر !
وقِس على ذلك كل ما سبق .. فمحاولة إعمال " المصطلحات المجردة " للعلم والمعرفة و الإدراك في نفس العقل السابق ذكره – الفارغ لمن فقد تركيزه – جريمة حقة فيما تعنيه تلك المصطلحات بالفعل ، و هي جريمة كذلك فيمن يمتلكون تلك الأمور الخارقات .. أصحاب العقول الممتلئة - حفظهم الله وحمى عقولهم وأدامها عليهم ممتلئة ثقيلة ..

فأما وصرت لا أجد ما أكتب عنه .. أصبح أمامي خياران اثنان :
أولهما أن أترك كل شئ وأكتبُ عن شخصٍ ما ..
فعن من أكتب ؟
يُفترض بجاهلة مثلي - وإن كنتُ قد فشلت في تحديد كُنه ما أنا فيه : أيكونُ جهلًا أم إنطوائية ؟ - أن تكتب عن نفسها فسواها لا أعرف ، أو هكذا ظننتُ بنفسي يوماً ظن السوء ..
حين حاولتُ التعمق بداخلي ارتطمت بحاجزٍ صلدٍ ارتطامًا أحدث دويًا صاخبًا لا زال يدوي في سمعي حتى الآن ..
حاولتُ بشتى الطرق اختراق ذلك الملعون ؛ فلجأتُ للطرق السلمية وغير السلمية ، ولكن إحداها لم تفلح قط ..
ومن جديد أجدني " لا أعرف " ..
لا أعرف ما يعنيه ذلك الحاجز وما يخبئ وراءه
لا أعرف أيوجد خلفه ما يدلني عليّ .. في تلك الحالة سأحترمُ نفسي قليلًا لكوني " عميقة " بعض الشئ ..
لا أعرف أيكون خلفه العدم ؟
وفي تلك الحالة بالطبع سأسلم بكوني سطحية كما سلمتُ بكون عقلي فارغًا من قبل ..
..
ولا يزال الحاجز صلدًا بالنسبة إليّ ..
ولا يزال صدى الارتطام يدوي في أذني ويؤلمها ..
..

ولو كنت من أصحاب الملاحظات البنّاءة .. للاحظت أمورًا معينة في كل ما كتبت من هراء :
أنني لازلتُ أمتلك عقلًا .. وإن كان فارغًا ..
ولا زلتُ أصبح وأمسي .. وإن كان ذلك على العدم
ولدي " أنــــــــــــا " .. وإن لم أسبر غوري بعد ..


نعودُ للخيارات ..
الخيار الثاني هو أن أتوقف عن الكتابة مطلقًا ..
ولكن تبقى المشكلة – يا صديقي- أن يدي اليسرى لازالت تتحرك .. وأن أصابعها لازالت قادرة على حمل القلم ولو مرة كل عام ..
ودرج مكتبي لازال يحتوي على عددٍ من الأقلام الزرقاء والسوداء ..
وفوق كل ذلك لديّ مجموعة من الأوراق تحتملُ ما أسكب عليها من حماقات ..
ولدي كذلك من الجدرانِ أربعة تشهدُ كل ما أكتبُ فتشقى به وتسعد له !


أهديها – ولأول مرة – لكل من شارك في لفت انتباهي لمدى سذاجتي وسطحيتي .. وطبعًا لكل مناضل قرأ كل ما سبق حتى تلك النقطة : .

السبت، 30 أغسطس 2008

!


للسذاجة وجوهٌ كثيرة

وليست الوجه الذي تعرف ؛

فلا تظن قدراتك على الجراحِ بمعجزة !