الخميس، 11 سبتمبر 2008

هزّة عقليّة



طالت المدة التي أغيب فيها عن الكتابة ها هنا ..
فقد صمت حديثي ، وربما لن تعود له القدرة على الخروج من جوفي ثانية !
فعن ماذا أكتب ؟
وأنا التي صرتُ تائهة بين الأشياء و الموجودات ، لم أعُد أدري ما كُنهها ، وصرت أجهل الناس بنفعها وضررها !
نظرتي لها أصبحت جد سطحية ، لا بل هي أمست سطحية من قبلُ أن تصبح ..
لم أنظر إلى شئ قط كما ينبغي النظر إليه .. بل وارتكبت العديد من الحماقات الأخرى ، أهمها – وقد يكون غير مهمٍ بالمرة – أنني أقنعتُ نفسي أنني أجيدُ النظر ، أقنعتُ نفسي أنني أدري واعرف وأدرك..
الآن اتضحت الأمور لي ، وبدا لي أن ما أعرفه حقًا هو أنني لا أعرف !
مفهوم الإدراك عندي هو نفسه مفهوم عدم الإدراك لدى أصحاب العقول – حفظهم الله –
فذكائي غباء .. وعلمي جهل .. أو لك أن تقول أن جهلي علم فلا علم لي سواه !
بالأضداد أحيا ولها أعيش وفيها أفنى ..
أشدُ مشكلة تواجهني هي أنني أفكر .. وليس التفكير هو المشكلة ذاتها ولكن عندما ينبثقُ التفكير من عقلٍ فارغ فإنه يستحيل كارثة عظيمة وجريمة لا تغتفر !
وقِس على ذلك كل ما سبق .. فمحاولة إعمال " المصطلحات المجردة " للعلم والمعرفة و الإدراك في نفس العقل السابق ذكره – الفارغ لمن فقد تركيزه – جريمة حقة فيما تعنيه تلك المصطلحات بالفعل ، و هي جريمة كذلك فيمن يمتلكون تلك الأمور الخارقات .. أصحاب العقول الممتلئة - حفظهم الله وحمى عقولهم وأدامها عليهم ممتلئة ثقيلة ..

فأما وصرت لا أجد ما أكتب عنه .. أصبح أمامي خياران اثنان :
أولهما أن أترك كل شئ وأكتبُ عن شخصٍ ما ..
فعن من أكتب ؟
يُفترض بجاهلة مثلي - وإن كنتُ قد فشلت في تحديد كُنه ما أنا فيه : أيكونُ جهلًا أم إنطوائية ؟ - أن تكتب عن نفسها فسواها لا أعرف ، أو هكذا ظننتُ بنفسي يوماً ظن السوء ..
حين حاولتُ التعمق بداخلي ارتطمت بحاجزٍ صلدٍ ارتطامًا أحدث دويًا صاخبًا لا زال يدوي في سمعي حتى الآن ..
حاولتُ بشتى الطرق اختراق ذلك الملعون ؛ فلجأتُ للطرق السلمية وغير السلمية ، ولكن إحداها لم تفلح قط ..
ومن جديد أجدني " لا أعرف " ..
لا أعرف ما يعنيه ذلك الحاجز وما يخبئ وراءه
لا أعرف أيوجد خلفه ما يدلني عليّ .. في تلك الحالة سأحترمُ نفسي قليلًا لكوني " عميقة " بعض الشئ ..
لا أعرف أيكون خلفه العدم ؟
وفي تلك الحالة بالطبع سأسلم بكوني سطحية كما سلمتُ بكون عقلي فارغًا من قبل ..
..
ولا يزال الحاجز صلدًا بالنسبة إليّ ..
ولا يزال صدى الارتطام يدوي في أذني ويؤلمها ..
..

ولو كنت من أصحاب الملاحظات البنّاءة .. للاحظت أمورًا معينة في كل ما كتبت من هراء :
أنني لازلتُ أمتلك عقلًا .. وإن كان فارغًا ..
ولا زلتُ أصبح وأمسي .. وإن كان ذلك على العدم
ولدي " أنــــــــــــا " .. وإن لم أسبر غوري بعد ..


نعودُ للخيارات ..
الخيار الثاني هو أن أتوقف عن الكتابة مطلقًا ..
ولكن تبقى المشكلة – يا صديقي- أن يدي اليسرى لازالت تتحرك .. وأن أصابعها لازالت قادرة على حمل القلم ولو مرة كل عام ..
ودرج مكتبي لازال يحتوي على عددٍ من الأقلام الزرقاء والسوداء ..
وفوق كل ذلك لديّ مجموعة من الأوراق تحتملُ ما أسكب عليها من حماقات ..
ولدي كذلك من الجدرانِ أربعة تشهدُ كل ما أكتبُ فتشقى به وتسعد له !


أهديها – ولأول مرة – لكل من شارك في لفت انتباهي لمدى سذاجتي وسطحيتي .. وطبعًا لكل مناضل قرأ كل ما سبق حتى تلك النقطة : .

هناك 13 تعليقًا:

غير معرف يقول...

كل واحد فينا جواه كلام كتير أوي... أكترنا مبيعرفش إزاي يطلعه، وبعضنا بينسى بمجرد إنه يطلعه، بينسى كان عاوز يقول إيه... القلم، ودلوقتي بقى أقوى منه ال keyboard وسيلة فعالة للكلام... إنتي نفسك ماكنتيش عارفة هتقولي إيه أول ما بدأتي موضوعك، وشوفي كتبتي أد إيه لحد ماوصلتي لآخر نقطة؟
جميلة أوي!

أحمد الديب يقول...

يدك اليسرى؟؟؟
أهلا!
:)
لا قطع الله عنا همهماتك
حتى وإن طال صمتك!

من مناضل استمتع بكل حرف قرأه هنا لغة وأسلوبا وفكرا ونبلا :)

وفي انتظار همهمة قادمة

immigrant يقول...

هنا وهناك :
كتير فعلا مبنعرفش نطلع الكلام غير بالقلم " أو على الكيبورد :) " .. بس يا مين يقرا !
على فكرة دي من المرات القليلة اللي أكتب فيها حاجة نقدر نقول عليها " طويلة " .. يظهر فعلا الواحد كان مخزن كتير المرة دي ..

نورتني بجد يا فندم :)

immigrant يقول...

أحمد الديب :

أهلا بيك :D
هو حضرتك كمان من ذوي اليد اليسرى ؟
تحياتي للمناضلين المخضرمين :)
سعيدة إنها امتعتك :)

الهمهمة القادمة حسب التساهيل إن شاء الله !

Sarah Atwa يقول...

مش عارفة ليه عندي احساس ان عمرك 20 سنة ؟ صح و لا انا غلطانة :)

أنني لازلتُ أمتلك عقلًا .. وإن كان فارغًا ..
ولا زلتُ أصبح وأمسي .. وإن كان ذلك على العدم
ولدي " أنــــــــــــا " .. وإن لم أسبر غوري بعد ..

ان كنت قلت هذا فأنت أبعد ما يكون عن السذاجة والسطحية...

و سلامي لكل من لا زالت اصابع يده اليسرى قادرة على حمل القلم :)

immigrant يقول...

سارة عطوة :

لا يا جميلة .. عندي تمنتاشر سنة وتلات شهور :)

أتمنى أكون بعيدة عنهم ولو " بوصة واحدة " :D
وسلامي ليكي :)
نورتيني :)

كلام على بلاطة يقول...

كل عام وانت بخير

immigrant يقول...

كلام على بلاطة :

وحضرتك بخير :)

عــاشـــــقة الصمــــــــــــــــت يقول...

وبدا لي أن ما أعرفه حقًا هو أنني لا أعرف !
مفهوم الإدراك عندي هو نفسه مفهوم عدم الإدراك لدى أصحاب العقول –

ابدعتي ...ابدعتي

الطفلة العجوز يقول...

قادتني كلماتك تلك "لم أنظر إلى شئ قط كما ينبغي النظر إليه .. بل وارتكبت العديد من الحماقات الأخرى ، أهمها – وقد يكون غير مهمٍ بالمرة – أنني أقنعتُ نفسي أنني أجيدُ النظر ، أقنعتُ نفسي أنني أدري واعرف وأدرك..
الآن اتضحت الأمور لي ، وبدا لي أن ما أعرفه حقًا هو أنني لا أعرف !"

الي جملة قرأتها منذ فترة واصبحت بالنسبة لي الكنز الذي ظهر لي في اشد حاجتي اليه ...
جملة قيلت علي لسان
سيدنا علي كرم الله وجهه
" فاذا ظن انه علم ...فقد جهل "

ثم اعادتني تلك الجملة- بما ذكر فيها من المتضادات - الي كلماتك

بالأضداد أحيا
ولها أعيش
وفيها أفنى

واسمحي لي ان اؤكد لك ... ان الاضداد هي المحركات الرئيسية لسفينة شخصك ...
التي يمكنها ...وبحق ....ان تتحمل رحلة عبورك لسبر اغوار عميقة ...
تسمي النفس البشرية

تلك الرحلة التي ما ان تبدأ فلن تنتهي ابدا ....
فمهما قابلت من صعاب
و مهما اختل توازن المحركات ...
فلن يسعك سوي الشعور بالراحة...بالحرية

فانت من تقود السفينة ...
انت فقط من تعلم ماذا ينتظرك في اول رحلة قادمة



أهديها – ولأول مرة – لكل من شارك في لفت انتباهي لمدى سذاجتي وسطحيتي .. وطبعًا لكل مناضل قرأ كل ما سبق حتى تلك النقطة : .


ونشكر لك اهدائك ذا ...و لفت انتباهنا انه مهما اختلفت القلوب والصفات و المبادئ الا اننا نجتمع في النهاية علي اشتراك عميق في انسانيتنا بكل ما فيها من حيرة ....تضاد ...
و امتلاء من شده الفراغ ...
او فراغ من شده الامتلاء

تحياتي
ونأسف علي طول التعليق ^-^

immigrant يقول...

عاشقة الصمت ..

أعتذر جدا جدا عن التأخير في الرد كل ده .. بس حقيقي مأخدتش بالي من تعليقك ..

شكرا يا قمر ..

immigrant يقول...

الطفلة العجوز :

بجد بجد .. من أكتر التعليقات اللي أسعدتني من يوم ما عملت مدونة .. متشكرة ليكي على القراءة التحليلية والرد الرائع ده ..

حقيقي نورتيني :)

Ahmed Fayez يقول...

مرحلة و هتعدي
في الاوقات دي القراءة بتساعد كتير
التوقف عن الكتابة ليس الحل
الاسلوب و التعبير فيهم قوة و حاسس انهم بيأدوا وظيفة من الصعب التخلي عنها